{فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} فلا يصرفنك عن الإيمان بالساعة، {مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} مراده خالف أمر الله {فَتَرْدَى} أي: فتهلك. قوله عز وجل: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} سؤال تقرير، والحكمة في هذا السؤال: تنبيهه وتوقيفه على أنها عصا حتى إذا قلبها حية علم أنه معجزة عظيمة. وهذا على عادة العرب، يقول الرجل لغيره: هل تعرف هذا؟ وهو لا يشك أنه يعرفه، ويريد أن ينضم إقراره بلسانه إلى معرفته بقلبه. {قَالَ هِيَ عَصَايَ} قيل: وكانت لها شعبتان، وفي أسفلها سنان، ولها محجن. قال مقاتل: اسمها نبعة.{أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} أعتمد عليها إذا مشيت وإذا أعييت وعند الوثبة، {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} أضرب بها الشجرة اليابسة ليسقط ورقها فترعاه الغنم.وقرأ عكرمة {وأهس} بالسين غير المعجمة، أي: أزجر بها الغنم، والهس: زجر الغنم.{وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} حاجات ومنافع أخرى، جمع مأربة بفتح الراء وضمها، ولم يقل: أخر لرءوس الآي. وأراد بالمآرب: ما يستعمل فيه العصا في السفر، وكان يحمل بها الزاد ويشد بها الحبل فيستقي الماء من البئر، ويقتل بها الحيات، ويحارب بها السباع، ويستظل بها إذا قعد وغير ذلك.وروى عن ابن عباس: أن موسى كان يحمل عليها زاده وسقاءه، فجعلت متماشيه وتحدثه، وكان يضرب بها الأرض فيخرج ما يأكل يومه، ويركزها فيخرج الماء، فإذا رفعها ذهب الماء، وإذا اشتهى ثمرة ركزها فتغصنت غصن الشجرة وأورقت وأثمرت، وإذا أراد الاستقاء من البئر أدلاها فطالت على طول البئر وصارت شعبتاها كالدلو حتى يستقي، وكانت تضيء بالليل بمنزلة السراج، وإذا ظهر له عدو كانت تحارب وتناضل عنه.